جرم نظام الأوراق التجارية السعودي فعل الساحب الذي ينطوي على إصدار شيك لم يؤرخ، أو ذكر فيه تاريخًا غير صحيح، فهل يشمل التجريم أيضا فعل الساحب الذي يصدر شيكًا فيه تاريخين؟
نجد أن نظام الأوراق التجارية السعودي في المادة رقم (١٠٢) نص على اشتمال الشيك على تاريخ واحد فقط، وكل بيان مخالف لذلك يعد كأن لم يكن، ويستحق الشيك لدى الاطلاع.
ولكن هل يعاقب بالغرامة الساحب الذي وضع تاريخين قياساً على وضع تاريخ واحد غير صحيح؟
اختلف الفقه في الإجابة على هذا التساؤل؛ فيرى البعض أن الشيك الذي يحمل تاريخين أحدهما للتحرير والآخر للاستحقاق يندرج تحت صورة التاريخ غير الصحيح المنصوص عليه في المادة (120) من نظام الأوراق التجارية.
ويرى البعض الآخر أن ذكر تاريخين في الشيك يخالف طبيعته؛ باعتباره أداة وفاء لا أداة ائتمان وأنه إذا حمل تاريخين يفقد صفته كشيك ويتحول إلى سند مديونية عادي. وهذا الاتجاه هو ما اعتنقته أحكام القضاء الإماراتي، حيث قضت المحكمة الاتحادية العليا، أنه “ما دام الشيك أصبح يحمل تاريخين، فقد تحول منذ إضافة التاريخ الثاني إلى سند عادي للمديونية ولا يحظى بالحماية الجنائية.”
ومن جانبنا نرى أن نظام الأوراق التجارية السعودي ذكر صور جرائم الساحب على سبيل الحصر لا التمثيل، فلا وجه للقول أن قيام الساحب بوضع تاريخين يعد في حكم التاريخ غير الصحيح والمجرم بالمادة رقم (120) من نظام الأوراق التجارية؛ لإن اعتبار التاريخين في حكم التاريخ غير الصحيح لهو قياس في مجال التجريم، والقياس في مجال التجريم محظور، ويعني ذلك أنه لا يجوز القياس أو التفسير تفسيرًا موسعًا في التجريم بحيث يترتب عليه إدخال صور أخرى لفعل الساحب لم ينص عليها نظاماً.
ولذلك يؤخذ على هذا التحديد أنه يضيق من نطاق الحماية الجنائية للشيك، إذ يستطيع الساحب أن يصدر شيكًا ويضع فيه تاريخين، ويستعمله كأداة ضمان، ويفلت من المسؤولية الجنائية، وهذه الطريقة في استعمال الشيك تهز الثقة فيه، وتخالف هدف النظام السعودي الذي يرغب بالمحافظة على وظيفة الشيك الاقتصادية (كأداة وفاء تجري مجرى النقود). لذلك نرى أنه قد يكون من المناسب في هذا المقام أن نلفت الانتباه، وندعو المنظم السعودي إلى النظر في إمكانية تعديل المادة المعنية سالفة الذكر؛ بحيث تشمل نصا صريحًا يجرم عمل الساحب الذي يضع أكثر من تاريخ في الشيك، وتعاقبه بذات العقوبة المقررة على الساحب الذي يصدر شيكًا غير مؤرخ أو بتاريخ غير صحيح. وذلك دعماً لحماية الشيك، وللمحافظة على استقرار التعاملات به، وزيادة الثقة فيه.
د. فواز آل عيفان