هل يستحق العامل غير السعودي قيمة تذكرة الطيران، حتى لو لم يسافر إلى بلده؟ أم أنه لا يستحقها إلا بالسفر الفعلي وبالتالي لا يعوض عن قيمة التذكرة؟
تنطلق إجابتنا من الفقرة (1) من المادة (40) من نظام العمل السعودي والتي تنص على أنه: يتحمل صاحب العمل رسوم استقدام العامل غير السعودي، ورسوم الإقامة ورخصة العمل وتجديدهما وما يترتب على تأخير ذلك من غرامات، ورسوم تغيير المهنة، والخروج والعودة، وتذكرة عودة العامل إلى موطنه بعد انتهاء العلاقة بين الطرفين.
ومن نص المادة (9) من النموذج الموحد للائحة تنظيم العمل: يتحدد الالتزام بمصروفات إركاب العامل أو أفراد أسرته وفق الضوابط التالية:
- عند بداية التعاقد، وفق ما يتفق عليه في عقد العمل.
- عند تمتع العامل بإجازاته السنوية، وفق ما يتفق عليه في عقد العمل.
- عند انتهاء خدمة العامل، طبقاً لأحكام المادة (الأربعون) فقرة (1) من نظام العمل.
- لا تتحمل المنشأة تكاليف عودة العامل إلى بلده في حالة عدم صلاحيته للعمل خلال فترة التجربة أو إذا رغب في العودة دون سبب مشروع، أو في حالة ارتكابه مخالفة أدت إلى ترحيله بموجب قرار إداري أو حكم قضائي.
وبتحليل النصوص النظامية سالفة الإشارة نجدها لم تنص على إلزام صاحب العمل بتذكرة العامل عند تمتعه بإجازته؛ وإنما تركت ذلك للاتفاق بينهما، وفق ما ورد في المادة (9) من النموذج الموحد للائحة تنظيم العمل، وهنا تكمن المشكلة؛ إذ أنه –في الغالب- لا تنص عقود العمل على تعليق استحقاق التذاكر بالسفر الفعلي، وإنما تقرر استحقاق العامل لتذكرة عند الحصول على إجازته السنوية. وللإجابة على التساؤل الراهن يجب التفرقة بين حالتين:
- الحالة الأولى: اتفاق العامل وصاحب العمل على استحقاق العامل لعدد من تذاكر الطيران خلال عقده.
- الحالة الثانية: اتفاق العامل وصاحب العمل على تعليق استحقاق العامل لتذاكر السفر على التمتع بالإجازة.
ففي الحالة الأولى: إذا اتفق العامل وصاحب العمل على استحقاق العامل لتذاكر السفر؛ وبمطالعة أحكام المحاكم العمالية في هذه الحالة؛ نجد أنها اشترطت السفر الفعلي فسببت المحكمة العمالية بجدة رفضها القضاء بالمقابل النقدي لتذاكر السفر بقولها: “وأما ما يتعلق بطلب المدعي لبدل التذاكر فإنه لما كان بدل التذاكر بدلاً مترتبا على حقيقة السفر.
وليس بدلاً مقطوعا يستلمه العامل على كل حال كما أنها مستحقة في حالة السفر أو امتناع المدعى عليها عن تسليمها وتكلّف المدعي قيمتها، وهذا ما لم يتحقق لدى المدعي لذا فإن الدائرة تنتهي على عدم استحقاقه له.” وقررت في حكم آخر أنه ” وبما أن المدعي يطالب بتذاكر الطيران. ومن المتقرر بأن التذاكر إنما تستحق لعامل في حال سفره وأما في حال عدم سفره فإنه لا يستحق التعويض عنها، الأمر الذي تنتهي إليه الدائرة من عدم استحقاق المدعي لتذاكر الطيران التي يطالب بها”. فهنا يستحق العامل للمقابل النقدي لتذاكر السفر إذا قام بالسفر الفعلي، وليس له المطالبة بالمقابل النقدي لتذاكر السفر إذا مكث أثناء إجازته في المملكة. أما في الحالة الثانية: إذا اتفق العامل وصاحب العمل على تعليق استحقاق العامل لمقابل تذاكر السفر على التمتع بالإجازة؛ فهنا -وفق مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين- نجد أن إرادة العامل وصاحب العمل انصرفت إلى استحقاق العامل لتذاكر السفر معلق على شرط سفره الفعلي، وهنا نفرق بين فرضين:
- الفرض الأول: العامل هو المتسبب في عدم الحصول على إجازته
ففي هذه الحالة ليس للعامل أن يحصل على المقابل النقدي للتذاكر؛ لأنه المتسبب في عدم حصوله على إجازته، وأن إرادة العامل وصاحب العمل اتجهت الى ان تذاكر السفر مقابل سفره الفعلي، فإنه ليس من حقه أن يتصرف تصرف يخرج عن ارادتهما بأن يحول تذاكر السفر الى مقابل نقدي بالمخالفة لإرادة صاحب العمل. - الفرض الثاني: صاحب العمل هو المتسبب في عدم حصول العامل على إجازته
فإذا كان صاحب العمل هو المتسبب في حرمانه من إجازته، فإن العامل يستحق المقابل النقدي لتذاكر السفر؛ حتى لا يتهرب صاحب العمل من التزامه العقدي بتذاكر السفر بتعمد حرمان العامل من إجازته.
د. فواز آل عيفان